فصل: السلف في سلعة بعينها يقبضها إلى أجل

مساءً 9 :36
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
29
الإثنين
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


تسليف الثياب في الثياب

قلت وكذلك ثياب القطن لا يسلف بعضها في بعض في قول مالك‏؟‏ قال نعم إلا الغلاظ منها الشقايق والملاحف اليمانية الغلاظ في المروي والهروي والفوهي والعدني فهذا لا بأس به إن يسلم بعضه في بعض‏.‏

قال مالك وكذلك الكتان رقيقه كله واحد القرقبي والشطوي والتينس كله واحد ولا بأس به في الزيقة والمريسية وذلك أنها غلاظ كلها‏.‏

قلت فكان مالك لا يجيز أن يسلم العدني في المروي‏؟‏ قال لا يجوز عندي‏.‏

قلت وكذلك لم يكن يجيز أن يسلم الشطوي في القصبي قال قال مالك نعم لا يجوز‏.‏

قلت فإن أسلمت فسطاطية في مروية معجلة ومروية مؤجلة‏؟‏ قال لا بأس بذلك عند مالك‏.‏

قلت وكذلك لو أسلمت ثوبا من غليظ الكتان مثل الزيقة وما أشبهه في ثوب قصبي إلى أجل وثوب قرقبي معجل‏؟‏ قال لا بأس بذلك‏.‏

قلت أرأيت الفسطاطي أهو من غليظ الكتان في قول مالك الذي يجوز أن يسلم في رقيق ثياب الكتان أم لا‏؟‏ قال إنما الفسطاطي عندنا بمنزلة القيسي وبمنزلة الزيقة وما أشبهها من الثياب إلا ما كان من الفسطاطي الرقيق المرتفع مثل المعافري وما أشبهه فإن ذلك يضم إلى رقيق الكتان إلى الشطوي والقصبي والفرقبي وعلى هذا ينظر في ثياب الكتان‏.‏

قلت أرأيت ان أسلمت فسطاطية في فسطاطية معجلة ومروية مؤجلة‏؟‏ قال لا بأس بذلك ولو كانت المروية معجلة والفسطاطية مؤجلة لم يصلح لأنه سلف وزيادة فسطاطية بفسطاطية قرض وزيادة مروية لما أقرضته فهذا لا يصلح‏.‏

قلت أرأيت إن أسلمت ثوبا فسطاطيا في ثوب فسطاطي إلى أجل قال إنما ينظر في هذا في قول مالك إلى الذي أسلم فإن كان إنما أراد بذلك المنفعة لنفسه فالسلم باطل وإن كان إنما أسلفه إياه تسلفا لله ومنفعة لصاحبه المستسلف كان ذلك جائزا على وجه القرض‏.‏

باب جامع القرض

قلت والقرض في قول مالك في جميع الأشياء البطيخ والتفاح والرمان والثياب والحيوان وجميع الأشياء والرقيق كلها جائز إلا في الجواري وحدهن‏؟‏ قال نعم القرض جائز عند مالك في جميع الأشياء إلا الجواري وحدهن‏.‏

قال ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال الذي يحرم من ذلك الثوب بالثوبين من ضربه كالرايطة من نسج الولايد بالرايطتين من نسج الولايد وكالسابرية بالسابريتين وأشباه ذلك فهذا الذي يتبين فضله على كل حال وتخشى دخلته فيما أدخل إليه من الشبهة في المراضاة فذلك أدنى ما أدخل الناس فيه من الفسخ والحلال منه كالرايطة السابرية بالرايطتين من نسج الولايد عاجل وآجل فهذا الذي تختلف فيه الأسواق والحاجة إليه وعسى أن يبور مرة السابري وينفق نسج الولايد ويبور نسج الولايد وينفق السابري فهذا الذي لا يعرف فضله إلا بالرجاء ولا يثبت ثبات الرماء فكان هذا الذي اقتاس الناس به ثم رأى فقهاء المسلمين وعلماؤهم أن نهوا عما قارب ما ذكرت لك من هذا واقتاسوه به وشبه به‏.‏

قال وأخبرني بن وهب عن إبراهيم بن نشيط أنه سأل بكيرا عن الثوب بالثوبين فقال إذا اختلف الثياب فلا بأس به كان البيع نقدا أو كالئا ولو كانت الثياب شيئا واحدا فلا يصلح بيعها إلا بنقد الثوب بالثوبين لا يؤخر من أثمانها شيء‏.‏

قال أشهب عن بن لهيعة أن بكيرا حدثه أنه سمع القاسم بن محمد وبن شهاب يقولان لا يصلح بيع الثوب بالثوبين إلا أن يختلفا‏.‏

قال ابن وهب وأخبرني عمرو بن الحارث والليث عن بكير عن سليمان بن يسار أنه‏؟‏ قال لا يصلح ثوبان بثوب إلا يدا بيد‏.‏

قال مخرمة عن أبيه قال سمعت بن شهاب يقول في ثوب بثوبين دينا‏؟‏ قال لا يصلح ذلك إلا أن يختلف ذلك‏.‏

قال بكير وقال ذلك عبد العزيز بن أبي سلمة‏.‏

قال ابن وهب وأخبرني يونس عن ربيعة في السلعتين إحداهما بالأخرى عبد بعبد أو دابة بدابة أو نحو ذلك يتعجلانه ويزيد فضل دراهم على الأخرى إلى أجل مسمى قال ربيعة إذا باعه عرضا بعرض واشترط أحدهما على صاحبه زيادة دراهم أو دنانير كالئة فهو حلال‏.‏

قال ابن وهب قال يونس وسألت بن شهاب عن السلعتين إحداهما بالأخرى عبدا بعبد أو دابة بدابة يتعجلانها ولأحدهما فضل دراهم على الأخرى إلى أجل مسمى‏.‏

‏؟‏ قال لا أرى بذلك بأسا‏.‏

قال ابن وهب وقال لي لا بأس بالجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم يدا بيد‏.‏

ولا بأس بالجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم الجمل بالجمل يدا بيد والدراهم إلى أجل ولا خير في الجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم الدراهم نقدا والجمل نسيئة فهو ربا وإن أخرت الجمل والدراهم فلا خير في ذلك وذلك أن هذا يكون ربا لأن كل شيء أعطيته إلى أجل فرد إليك مثله وزيادة فهو ربا‏.‏

قال ابن وهب قال وأخبرني حنظلة بن أبي سفيان الجمحي عن طاوس بنحو ذلك‏.‏

قال ابن وهب وأخبرني عقبة بن نافع عن خالد بن يزيد أن عطاء بن أبي رباح كان يقول بنحو ذلك أيضا‏.‏

تسليف الطعام في الطعام والعروض

قلت أرأيت إن أسلم حنطة في شعير وثوب موصوف أيبطل السلف كله أم يجوز منه بحصة الثوب قال قال مالك يبطل ذلك كله‏.‏

قلت فما قول مالك فيمن أسلم عدسا في ثوب إلى أجل وشعير معجل قال قال مالك لا يصلح‏.‏

قلت ولم أبطله مالك قال لأن الطعام بالطعام لا يصلح الآجال فيه فإذا بيع الطعام بالطعام فكل شيء يضم مع أحد الصنفين أو مع الصنفين جميعا حتى يكون في صفقة واحدة مع الطعام فلا يصلح أن يؤخر السلعة التي مع الطعام في الصفقة كما لا يصلح أن يؤخر الطعام‏.‏

قال مالك وكذلك الدنانير والدراهم إذا صرف الرجل الدنانير بالدراهم ومع الدراهم ثوب أو سلعة من السلع لم يصلح أن يؤخر السلعة وأن يتعجل الدنانير والدراهم ولا بأس به أن تكون السلعة مع الذهب أو مع الفضة أو مع كل واحد منهما سلعة إذا كان ذلك يدا بيد وكان تبعا وكما لا يصلح الذهب بالفضة إلى أجل فكذلك لا يصلح الأجل في السلعة التي تكون معها في صفقة واحدة‏.‏

قلت أرأيت إن أسلمت ثوبا في عشرة أرادب حنطة إلى شهر وعشرة دراهم إلى شهر آخر فأسلمت الثوب في هذه الأشياء كلها وجعلت آجالها مختلفة كما وصفت لك‏؟‏ قال لا بأس بذلك مختلفة كانت آجالها أو مجتمعة بن وهب‏.‏

وأخبرني يونس أنه سأل بن شهاب عن رجل باع بيعا بعضه حلال وبعض حرام ففطن له فقال أنا أضع عنك الحرام وأمضي لك الحلال فقال ابن شهاب إن كانت الصفة فيها واحدة تجمعهما فأنا نرى أن يرد ذلك البيع كله وإن كانتا بيعتين شتى لكل واحدة صفقة على حدتها فأنا نرى أن يرد الحرام ويجاز الحلال‏.‏

في الرجل يسلف الطعام في الطعام

قلت أرأيت إن أسلفت الحنطة في البقول أو شيئا من الطعام في البقول‏؟‏ قال لا يجوز لأن هذا يؤكل‏.‏

قلت وكذلك لو سلف حنطة في قصيل أو قضب أو قرط أو فيما يعلف الدواب هل يجوز في قول مالك قال إن كان يحصده ولا يؤخره حتى يبلغ ويصير حبا فلا بأس بذلك في قول مالك‏.‏

قال لأن هذا ليس بطعام‏.‏

قلت أرأيت لو أن رجلا سلف حنطة في حنطة مثلها إلى أجل‏؟‏ قال لا خير فيه إلا أن يكون ذلك منه سلفا على وجه المعروف فالسلف جائز إلى أجله وليس له أن يأخذ منه قبل محل الأجل وهو عندي قرض إلى أجل فأما أن يسلم رجل حنطة في حنطة إلى أجل على وجه المبايعة فإن كانت المنفعة فيه للقابض فلا خير فيه‏.‏

ألا ترى إلى الحديث الذي جاء البر بالبر ربا إلا هاء وهاء‏.‏

قلت أرأيت إن سلفت حنطة جيدة في حنطة رديئة إلى أجل أسلفت سمراء في محمولة أو محمولة في سمراء إلى أجل أو أسلفت صيحانيا في جعرور أو جعرورا في صيحاني إلى أجل قال قال مالك ذلك حرام لا يحل‏.‏

قلت وكذلك إن سلفت حنطة في شعير أو شعيرا في حنطة إلى أجل قال قال مالك كل ذلك حرام لا يحل ولا يجوز‏.‏

قال قال مالك كل من سلف طعاما في طعام إلى أجل فلا يجوز إلا أن يقرض رجل طعاما في طعام مثله من نوعه لا يكون أجود منه ولا دونه ولا يكون إنما أراد بذلك المنفعة للذي سلف فهذا يجوز إذا كان أقرضه إياه قرضا إلى أجله وما سوى ذلك من الطعام لا يصلح أن يسلف بعضه في بعض إذا كان مما يؤكل أو يشرب أو كان مما يكال أو يوزن أو يعد عددا فإنه سواء لا يصلح الأجل فيما بين ذلك‏.‏

قلت وكذلك إن سلف حنطة في عسل أو في بطيخ أو في قثاء أو في صير أو في جراد أو في شيء من الأشياء مما يؤكل لا يجوز في قول مالك‏؟‏ قال نعم لا يجوز شيء من ذلك‏.‏

قلت أرأيت من سلف حنطة في بقول أو شيأ من الطعام في بقول‏؟‏ قال لا يجوز لأن هذا طعام يؤكل‏.‏

قلت أرأيت إن سلف البيض في البيض أيجوز ذلك في قول مالك أم لا‏؟‏ قال هذا مثل ما وصفت لك من سلف الحنطة في الحنطة إن كان أسلفه إياه سلفا فلا بأس به على المعروف‏.‏

قلت أرأيت إن سلفت بيضا في قرص خبز أو تفاح أو في الفاكهة الخضراء أو في البقول كلها أيجوز أم لا‏؟‏ قال لا يجوز عند مالك لأن هذا طعام كله‏.‏

قال وقد أخبرتك بأصل قوله مالك إن الطعام في الطعام لا يجوز أن يسلف بعضه في بعض إلا أن يكون النوع في مثله بحال ما وصفت لك في السلف في الحنطة على القرض بينهما إذا كان في مثله‏.‏

قال ابن وهب وأخبرني الليث بن سعد وغيره عن سعيد بن عبد الرحمن أنه سأل بن المسيب عن الطعام بطعام نظرة فقال الطعام كله بالطعام ربا إلا يدا بيد‏.‏

قلت فإني آتي إلى السقاط وهو البياع وآخذ منه الفاكهة بالحنطة حتى أقضيه‏؟‏ قال لا تفعل ولكن خذ منه بدرهم حتى توفيه إياه ثم خذ منه درهمك ما بدا لك ثلثه نصفه ما أحببت منه‏.‏

السلف في سلعة بعينها يقبضها إلى أجل

قلت هل يجوز لي أن أسلف في سلعة قائمة بعينها وأضرب لأخذها أجلا‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت لم كره مالك أن أسلف في سلعة قائمة بعينها وأضرب لأخذها أجلا قال لأن ذلك عنده غرر لا يدري أتبلغ تلك السلعة إلى ذلك أم لا‏؟‏ وهو يقدم نقده فينتفع صاحب تلك السلعة بنقده فإن هلكت السلعة قبل الأجل كان قد انتفع بنقده من غير أن تصل السلعة إليه فهذا مخاطرة وغرر‏.‏

قلت فإن هو لم يقدم نقده قال إذا لا يصلح السلف وتصير مخاطرة كأنه زاده في ثمنها إن بلغت إلى الأجل على أن يضمنها له وهو غرر ومخاطرة فصار جميع هذه المسألة ووجوهها إلى فساد‏.‏

قال سحنون وقال أشهب لا يجوز لأنه اشتراها وهو يقدر على أخذها بهذا الثمن على أن البائع ضامن لها إلى أجل فصار للضمان ثمن من الثمن الذي بيعت به تلك السلعة ولا ينبغي أن يكون للضمان ثمن‏.‏

ألا ترى أنه لا يصلح أن يقول الرجل للرجل اضمن لي هذه السلعة إلى أجل ولك كذا وكذا لأنه أعطاه ماله فيما لا يجوز لأحد أن يبتاعه وأنه غرر وقمار ولو علم الضامن أن السلعة تموت أو تفوت لم يرض أن يضمنها بضعف ما أعطاه ولو علم المضمون له أنها سلم لم يرض أن يضمنها إياه بأقل مما ضمنه إياها به أضعافا بل لم يرض بدرهم‏.‏

ألا ترى أنها إن سلمت أخذ الضامن من مال المضمون مالا باطلا بغير شيء أخرجه وإن عطبت غرم له قيمتها من غير مال ملكه ولا كان له أصله ولأجرته له منفعته في حمال ولا معتمل‏.‏

وقال أشهب عن مالك وإن اشتريت سلعة بعينها قائمة واشترطت أن يقبضها إلى يوم أو نحو ذلك قال فلا بأس به إن اشترطته على البائع أو اشترطه عليك البائع لأن يومين قريب ولا بأس به وإن كنتما في سفر وكان ذلك دابة فلك أن تركبها ذينك اليومين وقد أخبرني مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من جابر بن عبد الله بعيرا له في سفر من أسفاره قريبا من المدينة وشرط له رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره إلى المدينة‏.‏

قلت لابن القاسم أرأيت إن اشتريت سلعة بعينها قائمة واشترطت أن أقبضها إلى يوم أو يومين أو نحو ذلك قال سألت مالكا عن الرجل يشتري الطعام إلى يومين يكتاله أو ثلاثة أيام وذلك الطعام بعينه‏.‏

‏؟‏ قال لا بأس بذلك وكذلك السلع كلها عندي والسلع أبين أن لا يكون بها بأس‏.‏

قال ابن وهب وأخبرني يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال من اشترى من رجل طعاما فأعطاه الذهب ووعده غدا بكيله إياه فليس هذا بأجل إنما هذا كبيع الناس يدا بيد بالسوق يعطيه ذهبه قبل أن يكتال طعامه ولا يجوز له أن يبيع منه طعاما إلا أن يكون عنده‏.‏

وقد قال مالك وعبد العزيز وما اشترى من الحيوان بعينه غائبا فاشترط عليه أن ينقده ثمنه قبل أن يستوفيه فإن ذلك يشبه الربا وهو من أبواب السلف إلا أن يكون غيبة قريبة جدا فإن ذلك شيء مأمون ولا يخشى منه ما يخشى من البعيد وإن كان الله تبارك وتعالى يقضي في ذلك كله بما شاء ولكن حذر الناس وشفقتهم ليست في ذلك على أمر واحد وتفسير ما كره من ذلك أنه كأنه أسلفه الثمن على أنه إن كانت السلعة حية فهي له بذلك الثمن وإن كانت فاتت بموت أو غيره كان الثمن سلفا عنده حتى يؤديه إليه ولا يجد أحدا يشتري حيوانا غائبا ويسلف ثمنه بمثل ما يشتريه به إذا لم ينقد ثمنه لأن الذي يتسلف منه الثمن يصيب مرفقا من أجله وضع لصاحبه من الثمن‏.‏

في السلف في السلع في غير إبانها تقبض في إبانها

قلت أرأيت إن سلف رجل في بطيخ أو في الرطب أو في القثاء أو في التفاح أو فيما أشبه هذه الأشياء مما ينقطع من أيدي الناس سلف في ذلك في غير إبانه واشترط الأخذ في إبانه قال قال مالك ذلك جائز‏.‏

قلت فإن سلف في إبانه واشترط الأخذ في غير إبانه‏؟‏ قال لا يجوز‏.‏

قلت فإن سلف في غير إبانه واشترط الأخذ في غير إبانه‏؟‏ قال لا يجوز إلا أن يسلف في إبانه ويشترط الأخذ في إبانه أو يسلف فيه في غير إبانه ويشترط الأخذ في إبانه‏.‏

في الرجل يسلف في الطعام المضمون إلى الأجل القريب

قلت أرأيت لو أني بعت عبدا لي من رجل بطعام حال وليس عند الرجل الذي اشترى مني العبد طعام ولكني قلت له بعتكه بمائة أردب حنطة جيدة أيجوز هذا في قول مالك قال سألت مالكا عن الرجل يبتاع الطعام من الرجل إلى يوم أو يومين مضمون عليه يوفيه إياه فقال لا خير فيه إلا إلى أجل أبعد من هذا‏.‏

قال فقلت لمالك فالحيوان والثياب قال هو بمنزلته ولا خير فيه إلا إلى أجل‏.‏

قال ولم يقل لي مالك بدنانير ولا بعبد ولا بثياب ولا بشيء وهذا كله عندى واحد بما أبتاعه به من عبد أو دراهم أو ثياب فهو سواء ولا يجوز أن يبيع ما ليس عنده إلا أن يكون على وجه السلف مضمونا إلى أجل معلوم تختلف في ذلك الأسواق ترتفع وتنخفض‏.‏

قال ولقد سمعت بعض أهل العلم وهو الليث بن سعد يذكر عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن رجل سلف رجلا في طعام مضمون إلى يوم أو يومين أو ما أشبهه‏.‏

قال سعيد لا إلا إلى أجل ترتفع فيه الأسواق وتنخفض‏.‏

قلت ما هذا الذي ترتفع فيه الأسواق وتنخفض قال ما حد لنا فيه حدا وإني لأرى الخمسة عشر والعشرين‏.‏

قال فإذا باع ما ليس عنده بدنانير أو بعرض فهو عندي سواء‏.‏

قلت أرأيت إن اشتريت من رجل مائة أردب بمائة دينار فدفعت إليه الدنانير ولم نر طعاما بعينه قال قال مالك كل من اشترى طعاما أو غير ذلك إذا لم يكن بعينه فنقد رأس المال أو لم ينقد فلا خير فيه طعاما كان ذلك أو سلعة من السلع إذا لم تكن بعينها إذا كان أجل ذلك قريبا يوما أو يومين أو ثلاثة أيام فلا خير فيه إذا كانت عليه مضمونة لأن هذا الأجل ليس من آجال السلم ورآه مالك من المخاطرة قال وليس هذا من آجال البيوع إلا أن يكون ذلك إلى أجل تختلف فيه الأسواق تنقص وترتفع فإن كانت سلعة بعينها وكان موضعها قريبا اليوم واليومين ونحو ذلك طعاما كان أو غيره فلا بأس بالنقد فيه وإن تباعد ذلك فلا خير فيه في أن ينقده‏.‏

في المسلم إليه يصيب برأس المال عيبا أو يتلف قبل أن يقبضه البائع

قلت أرأيت إن أسلمت إلى رجل دراهم في حنطة وأصابها زيوفا أينتقض السلم فيها بيننا أم لا‏؟‏ قال لا أرى أن ينتقض السلم ويبدلها‏.‏

قلت أرأيت إن أسلمت إلى رجل ثوبا في عشرة أرادب حنطة إلى أجل فأحرق رجل الثوب في يدي قبل أن يقبضه المسلم إليه قال إن كان إنما تركه وديعة في يده بعد ما دفعه إليه فأرى له قيمته على من أحرقه والسلم على حاله وإن كان لم يدفعه إليه حتى أحرقه رجل وقامت عليه بينة فللمسلم إليه أن يتبع الذي أحرق الثوب بقيمة الثوب ويكون السلم عليه كما هو‏.‏

قلت فإن أسلمت إلى رجل حيوانا أو دورا في طعام موصوف فلم يقبض الحيوان منى حتى قتله رجل فأراد المسلم إليه أن يتبع الذي قتل الحيوان ويجيز السلم هل يكون له ذلك أم لا‏؟‏ قال ذلك لازم للذي عليه السلم عند مالك إن شاء وإن أبى لأن المصيبة في الحيوان منه فالسلم لازم جائز للبائع‏.‏

قلت وكذلك لو أسلم دورا أو أرضين في طعام أو عروض إلى أجل فهدم الدور رجل أو حفر الأرضين فأفسدها كان ضمانها من الذي عليه السلم في قول مالك والسلم جائز‏.‏

‏؟‏ قال نعم والعروض التي تغيب عليها الناس ليست بهذه المنزلة وهي من الذي اسلم حتى يقبضها المسلم إليه فإن هلكت قبل أن يقبضها المسلم إليه انتقض السلم إذا كان ذلك لا يعرف إلا بقوله‏.‏

وقد قال عبد الرحمن بن القاسم إذا لم يعرف ذلك إلا بقوله فالسلم مفتقض‏.‏

قلت أرأيت إن أسلمت في حنطة فلما تفرقنا أصاب رأس المال نحاسا أو زيوفا بعد شهر أو شهرين فجاء ليبدل أينتقض سلفي أم لا‏؟‏ قال تبدلها ولا ينتقض سلفك‏.‏

قال أشهب إلا أن يكون عملا على ذلك ليجيزا بينهما الكالئ بالكالئ فينفسخ ذلك‏.‏

قلت ولم وقد قال مالك إنما يجوز أن يؤخر رأس مال السلف ولا يقبضه اليوم واليومين ونحو ذلك ولم يجز أكثر من ذلك وهذا قد مكث شهرين بعد أن قبض هذه الدراهم وهي رصاص فهذا قد فارقه منذ شهرين قبل أن يقبض رأس المال‏.‏

‏؟‏ قال لا يشبه هذا الذي فارق صاحبه قبل أن يقبض رأس المال فأقام شهرا ثم جاء يطلب رأس المال لأن هذا له أن قبل هذه الدراهم الزيوف والرصاص فأجازها ولم يرد أن يبدلها كان ذلك له وكان السلف عليه والذي ذكرت لم يقبض شيئا حتى افترقا وحتى مكثا شهرا فهذا فرق ما بينهما‏.‏

قلت أرأيت إن أسلمت دراهم في عروض أو طعام فأتاني البائع ببعض الدراهم بعد شهر أو أيام فقال أصبتها زيوفا فقلت دعها فأنا أبدلها لك بعد يوم أو يومين‏.‏

‏؟‏ قال لا بأس بذلك لأن مالكا قال لي لو أن رجلا أسلم في طعام أو عروض ولم ينقد يوما أو يومين لم أر بذلك بأسا‏.‏

قلت فإن قال له سأبدلها لك بعد شهر أو شهرين قال أرى ذلك غير جائز لأن مالكا‏؟‏ قال لا يصلح أن يشترط في السلم أن يؤخر رأس المال شهرا أو شهرين وكذلك هذا أيضا‏.‏

قلت أرأيت إن جاء يبدلها فقال الذي دفع الدراهم دفعتها إليك جيادا وأنكر الذي عليه السلف وقال هي هذه وهي رصاص قال قال مالك القول قول الذي سلف وعليه اليمين أنه ما أعطاه إلا جيادا في علمه إلا أن يكون إنما أخذها الذي عليه السلف على أن يريها فإن كان إنما أخذها على أن يريها فالقول قوله وعلى رب السلف أن يبدلها له وعليه اليمين‏.‏

فيمن كان له دينا على رجل فأمره أن يسلم له في طعام أو غيره

قلت أرأيت لو أن لي على رجل ألف درهم من بيع أو من قرض فقلت له أسلمها لي في طعام ففعل أيجوز هذا قال سألنا مالكا عن الرجل يكون له على الرجل الذهب فيسأله أن يسلفها له في سلعة فقال مالك لا خير في ذلك حتى يقبضها‏.‏

قلت لم‏؟‏ قال لا خير فيه قال لأنه يخاف أن يكون إنما أخره على وجه الانتفاع فيصير سلفا جر منفعة فيخاف فيه عليه الدين يعطيه من عنده‏.‏

قلت أرأيت إن قال له اشتر لي بها سلعة نقدا أيجوز أم لا‏؟‏ قال إن كان الآمر والمأمور حاضرين فلا بأس بذلك وإن كانا غائبين فلا خير فيه‏.‏

قلت وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم إلا أن مالكا قال في الرجل يكتب إلى الرجل أن يبتاع له سلعة فيما قبله فيفعل ويبعث بها إليه فإذا بعث بها إليه كتب الذي اشتراها إليه‏.‏

يسأله أن يشتري له بتلك الذهب التي اشترى له بها بعض ما يحتاج إليه في موضعه قال قال مالك لا بأس بهذا وهذا من المعروف‏.‏

قلت لمالك فلو أن رجلا على رجل دينا فكتب إليه أن يشتري له بذلك الدين شيئا مما يحتاج إليه قال قال مالك لا خير فيه إلا أن يوكل في ذلك وكيلا قلت فإن كانت لي على رجل مائة درهم فقلت له أسلمها لي في طعام أو عرض‏.‏

قال قال مالك لا خير فيه ولا يعجبني حتى يقبض منه دراهمه ويبرأ من التهمة ثم يدفعها إليه إن شاء فيسلمها له بعد ذلك‏.‏

قلت ما كره مالك من ذلك قال خوف الدين بالدين‏.‏

أخبرني بن وهب وبن نافع عن بن أبي سلمة أنه قال كل شيء كان لك على غريم كان نقدا لم يقبضه أو إلى أجل فحل الأجل أو لم يحل فأخرته عنه وزادك عليه شيئا من الأشياء قل أو كثر فهو ربا‏.‏

قال وكل شيء كان لك على غريم كان نقدا فلم تقبضه أو إلى أجل فحل الأجل أو لم يحل فلا تبعه منه بشيء وتؤخره عنه فإنك إذا فعلت ذلك فقد أربيت عليه وجعلت ربا ذلك في سعر بلغه لك لم يكن ليعطيكه إلا بنظرتك إياه ولو بعته بوضيعة من سعر الناس لم يصلح ذلك لأنه باب ربا إلا أن يشتريه منك فينقدك يدا بيد مثل الصرف ولا يصلح تأخيره يوما ولا ساعة‏.‏

فيمن سلف في طعام إلى أجل فأخذ في مكانه مثله من صنفه أو باع طعاما إلى أجل

قلت أرأيت إن أسلمت إلى رجل في طعام محمولة فلما حل الأجل أخذت منه سمراء مثل مكيلته‏؟‏ قال لا بأس بذلك عند مالك‏.‏

قلت فإن بعته طعاما محمولة دفعتها إليه بمائة دينار إلى أجل أيجوز لي أن آخذ بالمائة الدينار إذا حل الأجل سمراء مثل مكيلة المحمولة التي بعت‏؟‏ قال لا يجوز هذا لأن هذا أخذ من ثمن الطعام طعاما وليس هذا بإقالة‏.‏

قلت ويفترق في قول مالك إذا أسلمت إليه في محمولة فلما حل الأجل أخذت سمراء بمكيلة المحمولة جوزه لي مالك فإذا بعته طعاما إلى أجل محمولة فلما حل الأجل أخذت من دنانيري مثل مكيلة المحمولة سمراء كرهه مالك ولم يجوزه قال ‏؟‏ قال نعم ذلك يفترق في قول مالك‏.‏

قلت لم قال لأنه في السلم إنما كان لك عليه طعام سمراء فلما حل الأجل أخذت بها بيضاء فكأنك بادلته بها يدا بيد والذي باع البيضاء بالدنانير إلى أجل فأخذ بثمنها سمراء وإن كانت مثل مكيلتها فإنما ألغى الثمن فكأنه باعه بيضاء بسمراء إلى أجل وكذلك التمر العجوة والصيحاني والبرني والزبيب أسوده وأحمره وكذلك إذا كان من بيع باعه الطعام بالدنانير إلى أجل ولا ينبغي أن يأخذ في قضائه شيئا من الأشياء كان من صنفه ولا من غير صنفه إذا كان لا يجوز له أن يسلف الطعام الذي اشترى فيه وإن كان أدنى‏.‏

قال وإن كان من سلم فحل الأجل فأخذ من محمولة سمراء مثل مكيلتها فإنما هذا رجل أبدل طعاما يدا بيد فلا بأس بذلك‏.‏

قلت أرأيت إذا أسلفت في حنطة محمولة فلما حل الأجل أخذت سمراء أيجوز ذلك أو أسلفت في سمراء فلما حل الأجل أخذت محمولة أو شعيرا‏؟‏ قال لا بأس بذلك‏.‏

قلت وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت فإن كنت أسلفت في شعير فلما حل الأجل أخذت سمراء أو محمولة‏؟‏ قال لا بأس بذلك وهو قول مالك‏.‏

قلت ولا ترى هذا بيع الطعام قبل أن يستوفى‏؟‏ قال لا إذا حل الأجل فأخذت بعض هذا من بعض مثل الذي ذكرت لي وأخذت مثل كيله فإنما هذا بدل وليس هذا بيع الطعام قبل أن يستوفى‏.‏

قال ولا خير في هذا قبل الأجل عند مالك‏.‏

قلت فالدقيق‏؟‏ قال لا خير فيه من بيع ولا بأس به من قرض إذا حل الأجل‏.‏

وقال أشهب مثل قول بن القاسم في الدقيق يقتضي من السمراء أو المحمولة قلت‏.‏

وكذلك لو أسلفت في ألوان التمر فلما حل الأجل أخذت غير الألوان التي أسلفت فيها أو مثل ما ذكرت لي من ألوان الطعام في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت أرأيت إن أسلم في لحم فلما حل الأجل أراد أن يأخذ شحما أو أسلم في لحم المعز فلما حل الأجل أراد أن يأخذ لحم ضأن أو لحم إبل أو لحم بقر‏؟‏ قال لا بأس بذلك في قول مالك‏.‏

قلت لم جوز مالك ذلك أليس هذا بيع الطعام قبل أن يستوفى قال ليس هذا بيع الطعام قبل أن يستوفى لأن هذا نوع واحد عند مالك‏.‏

ألا ترى أنه لا يصلح أن يشتري لحم الحيوان بعضه ببعض إلا مثلا بمثل فهو إذا أخذ مكان ما سلف فيه من لحم الضأن لحم معز مثله أو دونه أو سلف في شحم فأخذ مكانه لحما فكأنه أخذ ما سلف فيه‏.‏

قلت وكذلك إن سلف في محمولة فلما حل الأجل أخذ سمراء‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت وكذلك إن سلف في حنطة فلما حل الأجل أخذ شعيرا‏؟‏ قال نعم لا بأس به وكل هذا إنما يجوز بعد محل الأجل أن يبيعه من صاحبه الذي عليه السلف ولا يجوز أن يبيعه من غير صاحبه الذي عليه السلم بنوعه ولا بشيء من الأشياء ولا بمثل كيله ولا صفته حتى يقبضه من الذي عليه السلف لأنه إن باعه من غير الذي عليه ذلك بمثل كيله وصفته صار ذلك حوالة والحوالة عند مالك بيع من البيوع فلذلك لا يجوز أن يحتال بمثل ذلك الطعام الذي سلف فيه على غير الذي عليه السلف لأنه يصير دينا بدين وبيع الطعام قبل أن يستوفى‏.‏

قلت ولم جوز مالك أن يبيع هذا اللحم الذي حل أجله بشحم من الذي عليه السلف بعد ما حل الأجل قال لأن ذلك عند مالك إذا كنت إنما تبيع ذلك من الذي لك عليه السلف بعد ما حل الأجل فإنما ذلك بدل ولا بأس أن يبدل الرجل اللحم بالشحم مثلا بمثل فكذلك هذا ولا يكون هذا بيع الطعام قبل أن يستوفى لأنه من نوعه عند مالك‏.‏

قال وقال مالك إذا أسلفت في طعام محمولة فحل الأجل فخذ به ما شئت وإن شئت سمراء وإن شئت شعيرا وإن شئت سلتا مثل مكيلتك يدا بيد‏.‏

وكذلك إن كنت أقرضته محمولة فلما حل الأجل أخذت منه سمراء مثل مكيلتك التي أقرضته يدا بيد فلا بأس بذلك وهذا إنما هو حين يحل الأجل ولا خير فيه قبل الأجل في سلف ولا بيع وإن كنت إنما بعته طعاما بثمن إلى أجل فلا بأس أن تأخذ منه بذلك الثمن طعاما مثله في صفته وكيله إن محمولة فمحمولة وإن سمراء فسمراء وإن كنت إنما بعته محمولة إلى أجل فلما حل الأجل أردت أن تأخذ بثمن الطعام الذي لك عليه سمراء أو شعيرا أو سلتا مثل مكيلتك التي بعته فلا يجوز ذلك وإن كان يدا بيد إذا حل الأجل لأنك قد أخذت بثمن الطعام طعاما غير الذي بعته فكأنك بعته المحمولة على أن تأخذ منه سمراء إلى أجل أو شعيرا أو سلتا والثمن ملغى فيما بينكما فلا يجوز ذلك‏.‏

قلت وكذلك إن كنت إنما بعته السمراء فلما حل الأجل أخذت منه محمولة أو شعيرا أو سلتا بالثمن فلا يجوز ذلك وإن كان الذي تأخذ دون الذي أعطيته لأنك كأنك أعطيته سمراء يضمنها إلى أجل على أن تأخذ منه محمولة إذا حل الأجل وكذلك هذا في التمر الصيحاني وألوان التمر بمنزلة ما وصفت لك من الحنطة وألوانها قال وقال لي مالك والزبيب الأسود والأحمر كذلك أيضا مثل ما وصفت لك من التمر والقمح والشعير‏.‏

قال سحنون ولقد خاف عبد العزيز في تسليف الدنانير في عرض إن قال ومما يشبه الربا أن يسلف الرجل ذهبا أو ورقا في إبل أو غنم أو سلعة أو غير ذلك فإذا حلت سلعتك أخذت بها من بيعك ذهبا أو ورقا أكثر مما كنت أسلفته‏.‏

قال عبد العزيز وأنا أخشى أيضا إذا أخذت أقل مما أعطيته الذريعة والدخلة‏.‏

فأما أن تأخذ مثل ما أعطيت فإنما تلك إقالة وتفسير ما كره من ذلك أنك كأنك أسلفت ذهبا في ذهب أو ورقا في ورق وألغيت السلعة بين ذلك وهي الأثمان وليست بمثمونة فكيف بما يشترى وهو مثمون‏.‏

وقد ذكر مالك عن أبي الزناد عن بن المسيب وسليمان بن يسار أنهما كانا ينهيان أن يبيع الرجل طعاما بذهب إلى أجل ثم يشتري بتلك الذهب تمرا قبل أن يقبضها‏.‏

قال مالك وقال ابن شهاب مثله‏.‏

قال ابن وهب اخبرني مالك والليث بن سعد عن كثير بن فرقد عن أبي بكر بن حزم مثله‏.‏

قال ابن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم أن عمر بن عبد العزيز في إمرته على المدينة أمر رجلا في تقاضي دين لمتوفي من ثمن طعام أن لا يأخذ في ذلك الدين طعاما وقال ذلك يحيى بن سعيد وبكير بن الأشج وأبو الزناد قال سحنون‏.‏

وقال مالك وبن أبي سلمة وغيرهما من أهل العلم مثله وقالوا ذلك بمنزلة الطعام بالتمر إلى أجل فمن هنالك كره‏.‏

قال ابن وهب عن بن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أنه‏؟‏ قال لا تأخذ إلا مثل طعامك أو عرضا مكان الثمن‏.‏

بن وهب عن عثمان بن الحكم عن يحيى بن سعيد مثله‏.‏

وقال إلا أن يأخذ من ذلك الطعام مكيلة بمكيلة‏.‏

تم كتاب السلم الأول من المدونة الكبرى والحمد لله كثيرا لا شريك له وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ويليه كتاب السلم الثاني‏.‏

كتاب السلم الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‏.‏

في الرجل يسلم في الطعام سلما فاسدا فيريد أن يأخذ برأس ماله تمرا أو طعاما أو يصالحه على أن يؤخره برأس ماله

قلت لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت إن أسلمت إلى رجل في حنطة سلما فاسدا أيجوز لي أن آخذ برأس مالي منه تمرا أو طعاما غير الحنطة إذا قبضت ذلك ولم أؤخره‏.‏

‏؟‏ قال نعم لأن السلم كان فاسدا لأن مالكا يقول في السلم إذا كان فاسدا إنما له رأس ماله‏.‏

قلت أفيجوز أن يصالحه على أن يؤخره برأس ماله‏؟‏ قال نعم لا بأس به إذا كان البيع فاسدا‏.‏

قال ولقد سئل مالك عن رجل باع دارا له على أن ينفق المشتري على البائع حياته فكره ذلك مالك وقال إن وقع الشراء على هذا وقبضها المشتري فاستغلها سنين كانت الغلة للمشتري لأنه كان ضامنا لها ويرد الدار إلى صاحبها ويغرم البائع للمشتري قيمة ما أنفق عليه المشتري إن كان أنفق عليه شيئا‏.‏

قال ابن القاسم فإن فاتت الدار بهدم أو بناء كان عليه قيمتها يوم قبضها‏.‏

قلت أرأيت السلم الفاسد في الطعام أيجوز لي أن آخذ برأس مالي طعاما سوى ذلك الصنف الذي أسلمت فيه أتعجله ولا أؤخره‏؟‏ قال نعم لأنه إنما لك عليه رأس مالك وهو قوله‏.‏

قلت أرأيت السلم إذا كان فاسدا فأخذت نصف رأس مالي وحططت عنه ما بقي‏؟‏ قال لا بأس بذلك‏.‏

في التسليف إلى غير أجل أو يقدم بعض رأس المال ويؤخر بعضه

قلت أرأيت إن اشتريت دابة أو بعيرا بطعام موصوف ولم أضرب له أجلا أو بثياب موصوفة ولم أضرب لها أجلا وليس شيء مما اشتريت به البعير أو الدابة عندي أيجوز ويكون شراء البعير والدابة مضمونا إلى أجل أو يكون نقدا قال هذا بيع حرام لا يجوز أن يكون مضمونا وليس له أجل وهو بيع ما ليس عندك‏.‏

قلت أرأيت إن أسلمت إلى رجل في مائة أردب تمر مائة دينار خمسين أعطيتها إياه وخمسين أجلني بها قال قال مالك لا يجوز هذا وينتقض جميع السلم‏.‏

قلت فإن سلفت في طعام ولم أضرب لرأس المال أجلا فافترقنا قبل أن أقبض رأس المال قال هذا حرام إلا أن يكون على النقد‏.‏

قال وقال مالك لا بأس بذلك وإن افترقا قبل أن يقبض رأس المال إذا قبضه بعد يوم أو يومين أو نحو ذلك‏.‏

قلت أرأيت إن أسلمت عبدا لي في كذا وكذا كرا من حنطة ولم أذكر الأجل‏؟‏ قال لا خير فيه إذا كان الطعام مضمونا إذا لم يضربا في ذلك الأجل‏.‏

قلت وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت فإن أسلم عبدا له في طعام بعينه إلى أجل وجعل الأجل بعيدا‏؟‏ قال لا يجوز ذلك أيضا عند مالك‏.‏

قلت لم لا تبطل الشرط ها هنا وتجيز البيع بينهما وتجعله كله ها هنا حالا لأنه قد قدم العبد في طعام بعينه قال لأنهما قد اشترطا الأجل فلا يبطل البيع الشرط ولكن الشرط يبطل البيع لأن الشرط إنما وقع به البيع فلما لم يصلح البيع الشرط بطل البيع قال فقلت لمالك فإن كان الشرط بينهما إلى أجل يوم أو يومين قال البيع جائز ولا بأس بذلك إذا كانت سلعة بعينها أو طعاما بعينه فإن كان ذلك مضمونا فلا خير فيه إلا أن يتباعد الأجل‏.‏

قلت أرأيت إن أسلفت في طعام فقدمت بعض رأس المال وضربة لبعض رأس المال أجلا أيجوز ذلك في قول مالك أم لا‏؟‏ وهل يجوز من ذلك حصة النقد‏.‏

قال قال مالك ذلك كله حرام مفسوخ لأن عقدة البيع واحدة‏.‏

قلت فما قول مالك في رجل سلف رجلا ألف درهم في مائة أردب حنطة خمسمائة منها كانت دينا على المسلف إليه وخمسمائة نقدا نقده إياها أيصلح حصة النقد أم لا‏؟‏ قال قال مالك لا يحل هذا السلف لأن بعضه دين في دين ألا ترى أن الخمسمائة التي كانت عليه دينا فسلفه إياها في دين فصارت دينا في دين فلما بطل بعض الصفقة بطلت كلها ولا يجوز من ذلك حصة النقد إذا بطل بعض الصفقة بطلت كلها‏.‏

قلت أرأيت إن بعت عبدا لي بطعام إلى أجل سنة أو اسلمته في طعام إلى أجل سنة ثم افترقنا قبل القبض فلم يقبض العبد مني إلا بعد شهر قال أرى أنه إن لم يكن شرط أنه يقبض العبد بعد شهر فالبيع جائز ولم يوقت لنا مالك في الشهر إذا لم يقبض العبد إلى ذلك الأجل ولكن رأيي أنه جائز وإن تأخر العبد إلى ذلك الأجل إذا كان ذلك هربا من أحدهما أو تأخيرا من غير شرط أن ينفذ البيع بينهما‏.‏

قلت أرأيت إن أسلفت ثوبا بعينه أو حنطة بعينها في عبد موصوف إلى أجل فافترقنا قبل أن أقبض الحنطة أو يقبض الثوب ثم قبضه مني بعد يوم أو يومين‏؟‏ قال لا بأس بذلك عند مالك‏.‏

قلت فإن قبضته منه بعد أيام كثيرة قال كان مالك يكره ذلك ولا يعجبه‏.‏

قلت أتراه مفسوخا إذا تركه الأيام الكثيرة ثم قبضه قال إن كانا شرطا ذلك فذلك مفسوخ عند مالك‏.‏

قلت فإن كانا تركا ذلك الأيام الكثيرة من غير شرط قال حفظت عن مالك الكراهية فيه ولا أحفظ عنه الفسخ‏.‏

قال ابن القاسم وأنا أرى إن كان ذلك من غير شرط أن ينفذ البيع بينهما‏.‏

في التسليف الفاسد

قلت ما قول مالك فيمن سلف في حنطة ولم يذكر جيدة ولا رديئة‏؟‏ قال لا خير فيه إذا سلف في حنطة وقد نقد الثمن وضرب الأجل ولم يذكر جيدة ولا رديئة فلا خير فيه‏.‏

قال ابن القاسم يفسخ ولا خير فيه إلا أن يصفها بجودتها لأن الطعام يختلف في الصفة‏.‏

قلت أرأيت إن أسلف في طعام موصوف إلى أجل معلوم وقدم نقده واشترط الطعام الذي اسلف فيه بمكيال عنده أو عند رجل أو بقصعة أو بقدح قال قال مالك لو أن رجلا اشترى طعاما بقدح أو بقصعة ليس بمكيال الناس رأيت ذلك فاسدا ولم أره جائزا فالسلف فيه بتلك المنزلة أو أشد‏.‏

قال وقال مالك وإنما يجوز هذا أن يتبايعوه فيما بينهم بالقدح والقصعة والمكيال إذا كان المكيال هكذا بعينه ليس بمكيال السوق والناس لمن يشتري من الإعراب حيث ليس ثم مكيال معروف للناس ولا الأسواق ولا القرى مثل العلف والتبن والخبط‏.‏

وقال أشهب مثله في الكراهية إلا أنه يقول إن نزل لم أفسخه‏.‏

وقال سحنون إنما يجوز للناس أن يشترطوا في تسليف الطعام وفي الشراء بالمكيال الذي جعله الوالي للناس في الأسواق وهو الجاري بينهم يوم سلف ويوم الشراء فأما الرجل يسلف أو يشتري ويشترط مكيالا قد ترك وأقيم للناس غيره ولا يعرف قدره ولا معياره من هذا المكيال الجاري بين الناس فإن ذلك لا يجوز وهو مفسوخ‏.‏

قلت أرأيت رجلا سلف تبرا جزافا في سلعة موصوفة إلى أجل أيجوز ذلك أم لا‏؟‏ قال ذلك جائز عند مالك‏.‏

قلت فإن سلف دراهم جزافا وإن عرفا عددها إذا لم يعرفا وزنها في سلعة موصوفة إلى أجل‏؟‏ قال لا يجوز ذلك عند مالك‏.‏

قلت فما فرق ما بين التبر والدراهم جزافا قال لأن التبر بمنزلة السلعة والدراهم ليست بتلك المنزلة إنما الدراهم عين وثمن فلا يصلح أن تباع الدراهم جزافا وقد يباع التبر المكسور جزافا من الذهب والفضة والآنية من الذهب والفضة جزافا والحلي من الذهب والفضة جزافا فإذا كان ذهبا باعه بفضة وبجميع السلع وإذا كانت فضة باعها بذهب وبجميع السلع فهذا فرق ما بينهما في قول مالك‏.‏

قلت ما قول مالك في الرجل إذا أسلم في طعام دراهم لا يعلم ما وزنها‏؟‏ قال لا يجوز في قول مالك‏.‏

قال وقال مالك وإذا كانت الدراهم لا يعلم ما وزنها إنما اعتزيا بها وجه القمار والمخاطرة فذلك لا يجوز‏.‏

قلت فإن أسلم نقار فضة وتبرا مكسورا لا يعلم ما وزنه قال ذلك جائز وهو بمنزلة سلعة من السلع‏.‏

قلت أرأيت لو أن رجلا أسلم دراهم قد عرف وزنها ودنانير لا يعرف وزنها أسلم جميع ذلك في حنطة موصوفة قال قال مالك من أسلم دنانير في حنطة لا يعرف وزنها لم يجز ذلك‏.‏

قلت فهل يجوز حصة الدراهم التي قد عرف وزنها أم لا‏؟‏ قال لا يجوز حصتها في قول مالك لأن هذه صفقة واحدة قال فإذا بطل بعضه بطل كله‏.‏

قلت أرأيت هذا الذي لم يعرف وزنه إذا أنت فسخت ما بينهما القول قول من في قول مالك قال القول قول البائع الذي يرد الدنانير لأنه يقول لم يدفع إلي إلا هذا والآخر مدع أنه قد دفع أكثر من هذه الدنانير فلا يصدق إلا ببينة وله اليمين على صاحبه فإن أبى صاحبه أن يحلف ردت عليه اليمين وأخذ ما ادعى‏.‏

قلت أرأيت إن أسلم رجل إلى رجل في حنطة على أن يوفيها إياه بمصر أيكون هذا فاسدا في قول مالك قال لم أسمع من مالك في هذا شيئا بعينه ولكن إذا لم يسم أي المواضع من مصر يدفع إليه ذلك به فهو فاسد لأن مصر ما بين البحر إلى أسوان‏.‏

القضاء في التسليف

قلت أرأيت إن أسلمت إلى رجل في حنطة على أن يوفيني بالفسطاط فلما حل الأجل قال أوفيك في ناحية من الفسطاط وقال الذي له السلم لا بل في ناحية أخرى سماها قال قول مالك إنه يوفيه ذلك في سوق الطعام‏.‏

قال ابن القاسم وكذلك جميع السلع إن كان لها أسواق فاختلفا فإنما يوفيه ذلك في أسواقها‏.‏

قلت فما ليس له سوق فاختلفا أين يوفيه قال لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأراه إذا أعطاه بالفسطاط إذا لم يكن بتلك السلعة سوق فحيثما أعطاه فهو للمشتري‏.‏

قلت أرأيت لو أني أسلمت إلى رجل في مائة إردب حنطة فلما حل الأجل قال هذه مائة إردب قد كلتها فخذها فأردت أن أخذها ولا أكيل وأصدقه قال قال مالك لا بأس بذلك‏.‏

قال مالك وكذلك لو اشترى مائة إردب من حنطة فكالها البائع وأخبر المشتري أنه قد كالها فأراد أن يصدقه ويأخذها بكيل البائع‏؟‏ قال لا بأس بذلك‏.‏

قلت فإن كالها المشتري بعد ذلك فأصابها تنقص من الكيل الذي أخبره به البائع قال قال مالك إن كانت له بينة أنه حين قبض القمح من البائع فكاله قبل أن يغيب عليه رجع بالنقصان في الثمن على البائع إن كان من غير نقصان الكيل وإن غاب عليه لم يصدق إلا أن يقيم بينه أنه قبضه ناقصا وإن لم يكن له بينة حلف البائع أنه قد وفاه جميع ما سمى له من الكيل إن كان كاله هو وإن كان إنما جاءه بالطعام رجل فأخبره بكيله فباعه على ذلك الكيل أحلف على أنه قد باعه على ما قيل له في كيله حين جاءه أو كتب به إليه وكان القول قوله فإن أبى أن يحلف ردت اليمين على المبتاع فحلف وأخذ النقصان من الثمن فإن أبى أن يحلف فلا حق له‏.‏

قلت أرأيت لو أن لي على رجل مديا من حنطة من سلم فلما حل الأجل قلت له كله لي في غرائرك أو في ناحية بيتك أو دفعت إليه غرائري فقلت له كله لي في هذه ففعل الرجل ذلك ثم ضاع الطعام قبل أن يصل إلي قال قال مالك لا يعجبني ذلك‏.‏

قال ابن القاسم فأما أنا فأرى إذا كان قد اكتاله ببينة فضاع بعد ما اكتاله كما أمره فلا شيء له عليه قال وإن كان كاله بغير بينة فهو ضامن للطعام كما هو ولا يصدق إلا أن تصدقه فإن صدقته أنه قد كاله وقال هو قد ضاع وكذبته أنت في الضياع فالقول في الضياع قوله ولا شيء عليه لأنك لما صدقته أنه قد كاله كما أمرته فقد صرت قابضا لما قد كاله لك فإن ضاع فلا شيء لك عليه لأنه إنما ضاع بعد قبضك‏.‏

قلت أتحفظ هذا عن مالك‏؟‏ قال لا‏.‏

في الرجل يسلف ببلد ويشترط أن يقضى ببلد آخر

قلت أرأيت إن أسلمت إلى رجل في طعام وشرطت عليه أن يوفيني ذلك في بلد من البلدان فلما حل الأجل قال لي خذ هذا الطعام مني في بلد أخرى وخذ مني الكراء إلى البلد الذي شرطت لك أن أقضيكه فيه قال قال مالك لا يصلح ذلك‏.‏

لأن البلدان بمنزلة الآجال فهذا بمنزلة رجل قدم الطعام الذي عليه قبل محل الأجل إذا كان من بيع وزادة دراهم أو عرضا فهذا لا يجوز لأنه من بيع الطعام قبل أن يستوفى فالآجال والبلدان في ذلك سواء عند مالك‏.‏

قلت أرأيت لو أني أسلمت إلى رجل في طعام يدفعه إلي بالفسطاط فقال خذه بالإسكندرية وخذ الكراء ففعلت فاستهلكت الطعام والكراء كيف يصنع بما استهلكت قال ترد مثله في قول مالك مثل الطعام بالإسكندرية وترد الكراء عليه ثم تأخذ طعامك الذي أسلمت فيه حيث شرطته وقد فسرت لك لم كرهه مالك‏.‏

قلت أرأيت لو أن رجلا أسلم إلى رجل في مائة إردب قمح يوفيها إياه بالفسطاط على أن على المسلم إليه حملانها إلى القلزم قال قال مالك لا بأس بذلك‏.‏

قال سحنون وقد بينت لك أثر بن عمر قبل هذا حين اشترى على أن يوفيه بالربذة‏.‏

في الرجل يسلف في الطعام إلى أجل يقضى قبل محل الأجل

قلت أرأيت ان أسلم إلى رجل في طعام فأتيته بالطعام قبل محل الأجل أيجبر على أن يأخذه مني في قول مالك أم لا‏؟‏ قال مالك لا‏.‏

قلت فإن كان ذلك قرضا إلى أجل فأتيته به قبل محل الأجل ايقبضه يجبر الذي له الطعام أن يأخذ قبل محل الأجل‏؟‏ قال نعم قلت وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

في الدعوى في التسليف

قلت أرأيت لو أسلمت إلى رجل في طعام فاختلفنا قال قال مالك إذا اتفقا في الطعام واتفقا أن السلم في حنطة مضمونة إلى أجل فقال البائع بعتك ثلاثة أرادب بدينار وقال المشتري بل اشتريت منك أربعة أرادب بدينار وذلك عند حلول الأجل قال القول قول البائع الذي عليه الحق إذا جاء بما يشبه من الحق والقول إلا أن يدعي ما لا يشبه مبايعة الناس والمشتري مدع وعليه البينة‏.‏

قلت فإن قال أسلفتك في قمح وقال البائع بل أسلفتني في شعير أو قال أسلفتك في حمار وقال الآخر بل أسلفتني في بغل قال يتحالفان ويترادان الثمن قال ولم أره يجعله مثل النوع إذا اتفقا عليه‏.‏

قال ابن القاسم وأنا أرى على ما قال مالك في الحنطة إن كان ما تقارا عليه من دابة اتفقا عليها أن السلم كان فيها مثل بغل أو حمار أو رقيق أو عرض من العروض اتفقا على التسمية واختلفا في الصفة أن القول قول البائع إذا أتى بما يشبه ويحلف والمبتاع مدع وإن اختلفا في السلعتين تحالفا وفسخ البيع بينهما ويرد إلى المشتري رأس ماله‏.‏

قال ولقد سأل رجل مالكا وأنا قاعد عنده في رجل باع من رجل حائطا له واشترط فيه نخلات يختارها فقال المشتري إنما اشترط علي نخلات أراني إياهن وقال البائع بل اشترطت عليه الخيار ولم أره نخلات قال مالك أرى أن يتحالفا ويفسخ البيع بينهما قال فقلت لمالك غير مرة فالرجل يبيع من الرجل السلعة على النقد فينقلب بها ولم ينقد ثمنها ويأمنه عليها صاحبها‏.‏

وذلك في العروض كلها فيأتيه البائع فيقتضيه الثمن فيقول البائع بعتك إياها بكذا وكذا ويقول المتابع بل ابتعتها منك بكذا وكذا وقد انقلب بها وأتمنه عليها قال قال مالك أرى أن يحلفا جميعا ويفسخ الأمر بينهما إلا أن تفوت في يدي المبتاع ببيع أو بموت أو نماء أو نقصان أو اختلاف من الأسواق فإن فاتت بنماء أو نقصان أو اختلاف من ألاسواق أو بيع أو موت فالقول قول المبتاع إذا أتى بما يشبه الثمن وإن لم تفت وكانت على حالها فالقول قول البائع بعد أن يتحالفا ويفسخ ذلك بينهما إذا تحالفا إلا أن يرضى المبتاع قبل أن يحكم بينهما أن يأخذها بما قال البائع فذلك له ما لم يفسخ بحكم‏.‏